بيان الحركة

Movement for a Pluralistic Society

بيان حركة المجتمع التعددي

تأسست حركة المجتمع التعددي فى باريس بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2012 على يد السياسية السورية رندا قسيس، بمشاركة مجموعة من المعارضين السوريين.

تهدف الحركة إلى إقامة سوريا حرة، فدرالية، علمانية وديمقراطية. وهى مبادرة سياسية واجتماعية تسعى إلى تنمية الوعي الديمقراطي، وتعزيز التفكير النقدي حول مفهوم الحرية.

إن التعددية الكامنة فى المجتمع السورى هى جوهر هذه الحركة، إذ تعترف بثراء الانتماءات الدينية والقومية والفكرية والسياسية فى سوريا، وترى فى هذا التنوع مورداً أساسياً لبناء ثقافة التسامح والاحترام. وتؤكد أن الاختلافات ليست عوائق، بل هى شرط ضروريي أمة أو مجتمع كي يحيا فى سلام وانسجام.

تلتزم الحركة بتطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبغرس الوعي الديمقراطي، وتقوية الأطر الفكرية التى تُبنى عليها الحرية وتُصان.

وترى الحركة أن قدسية الحرية الفردية هي أساس الحياة الديمقراطية؛ إذ لا معنى للديمقراطية إن غابت حرية الفكر والتعبير والضمير. فالحرية الشخصية ليست مجرد جانب من جوانب الحريات العامة، بل هى جوهرها الذى تتمحور حوله كل البنى المدنية. ومن هنا يأتى واجب التوفيق بين الحقوق الفردية والمسؤوليات الجماعية، بما يضمن ألّا يطغى صوت الأكثرية على حرية الفرد.

كما تؤكد الحركة على المساواة الكاملة بين الجنسين فى الحقوق والواجبات، وتسعى إلى تفكيك الولاءات القبلية والعائلية والطائفية، واستبدالها بثقافة مواطنة قائمة على احترام الفرد الحر والسيّد.

الفدرالية كإطار للوحدة

ترتكز رؤية الحركة على قناعة مفادها أن استقرار سوريا المستقبلي مرهون باعتماد نظام فدرالي. فالفدرالية ليست تجزئة، بل إطار وحدة قائم على التنوع.

وعندما تُبنى الفدرالية على أسس اقتصادية وجغرافية، فإنها تتيح لكل إقليم استثمار موارده وإدارتها مع المساهمة العادلة فى ازدهار البلاد. فالأراضي الخصبة فى إدلب وحماة تشكل قاعدة زراعية–صناعية تؤمن الغذاء بالإنتاج والتصنيع. أما النفط والغاز فى الشرق، وبخاصة فى دير الزور والحسكة، فيمكن أن يوفرا الطاقة والعائدات الضرورية للتنمية فى جميع الأقاليم، بدلاً من تركيز الثروة فى يد سلطة واحدة.

حلب، التى كانت عبر التاريخ العاصمة التجارية لسوريا، يمكن أن تستعيد مكانتها كبوابة اقتصادية عالمية، تربط التجارة والصناعة السورية بالأسواق الإقليمية والدولية. أما حمص، بما تمتلكه من مصافٍ وصناعات استراتيجية، فبوسعها أن تؤمن طاقة مكررة وإنتاجاً صناعيًا حيوياً. وتبقى دمشق، العاصمة الفدرالية، القلب الإداري والسياسي للاتحاد، إلى جانب دورها التاريخي كمركز تجاري. أما السويداء، بتربتها البركانية وكرومها، فبإمكانها أن تكون مركزاً لصناعة النبيذ وإحياء تقليد ضارب في القدم، إلى جانب الحفاظ على إنتاج العرق بوصفه حرفة تراثية. فيما تظل موانئ اللاذقية وطرطوس شريان سوريا إلى التجارة البحرية، بينما يشكل الإرث الثقافي والأثري، من تدمر إلى حلب القديمة، ثروة وطنية مشتركة تعزز الانتماء العام.

لكن الفدرالية، فى جوهرها، لا تعني انعزال الأقاليم عن بعضها البعض، بل ترابطها. فالمحاصيل الزراعية فى الشمال يمكن أن تُصنّع فى المراكز الصناعية بالغرب، وإيرادات النفط من الشرق يمكن أن تموّل المدارس والمستشفيات فى عموم البلاد، والموانئ الساحلية يمكن أن تخدم الأقاليم الداخلية. هكذا يصبح الازدهار مرهوناً بالتعاون، فتغدو الوحدة ضرورة مشتركة لا أمراً مفروضاً.

وتعترف الفدرالية بالتنوع الجغرافي لسوريا: وادي الفرات، والساحل، وسهول الجزيرة، والجبال الداخلية. ولكل منها تقاليدها وحاجاتها وإمكاناتها، والتى طالما فشل الحكم المركزي فى تلبيتها. ومنح الحكم الذاتي المحلي مع تشجيع التعاون الإقليمي يضمن التوازن بين الاستقلالية والمسؤولية المشتركة.

وتقترح الحركة تقسيم سوريا إلى تسع أو عشر إدارات (كانتونات) مستقلة، لكل منها مؤسسات منتخبة تدير شؤونها المحلية، فى إطار سوري فدرالي مشترك. هذا النموذج يمنع هيمنة أى مجموعة، ويمنح السلطات للمجتمعات المحلية، ويعكس الواقع الاجتماعي والجغرافي لسوريا.

فلسفيًا، الفدرالية ليست مجرد صيغة سياسية، بل ضرورة أخلاقية. فالمركزية فى سوريا أفرزت الاستبداد والفساد وقمعت التنوع. أما الفدرالية، فهى العلاج: إذ بتوزيع السلطة، تمنع تغول أي حزب أو طائفة، وتجعل من التنوع ضماناً للحرية لا تهديداً لها.

المبادئ الأربعة

ترتكز الحركة على أربعة مبادئ غير قابلة للتفاوض:

الحرية: لا يجوز أن يُضطهد أى مواطن أو يُسلب حقه فى الفكر أو التعبير أو الضمير.

الفدرالية: تُنظَّم سوريا ضمن إدارات مستقلة متعاونة، مترابطة، وملتزمة بالمسؤولية المشتركة، بما يضمن عدم تهميش أى إقليم أو استغلاله.

العَلمانية: يجب أن تُصان الدولة من هيمنة الدين، مع ضمان حرية الأفراد فى الإيمان أو عدمه. ويجب أن تتمكن المناطق ذات الثقافة المتعددة – مثل شمال شرق سوريا، والساحل، والسويداء، ووادي النصاري، والمدن المتنوعة، ومناطق السنّة العلمانيين – من اعتماد حكم علماني يعكس طابعها، مع بقاء الجميع ملتزمين بالحقوق والحريات والمساواة الفدرالية.

الديمقراطية: أن تُحكم سوريا بإرادة شعبها، على أساس المساواة والعدالة والتمثيل.

رؤيتنا

إن الفدرالية هى الإطار الوحيد القادر على تحويل تعددية سوريا إلى سلام مستدام. فهي ميثاق كرامة، وبنية عدل، وفلسفة مسؤولية مشتركة. إن قوة سوريا لا تنبع من وحدة مفروضة، بل من حرية مجتمعاتها فى إدارة شؤونها وربط مستقبلها المشترك.

ولن تنهض سوريا من أزمتها إلا بتكريس هذه المبادئ، لتصبح وطنًا يعيش فيه كل مواطن – بغض النظر عن دينه أو قوميته أو منطقته – فى مساواة وكرامة وسلام.

وهذا هو عهد حركة المجتمع التعددي: سوريا حرة، فدرالية، علمانية وديمقراطية.

Scroll to Top